السيد الرضي في الخصائص : قال : روي أن أمير المؤمنين - عليه السلام - لما أقبل من صفين مر في زهاء سبعين رجلا بأرض ليس فيها ماء ، فقالوا له : يا أمير المؤمنين ليس هاهنا ماء ونحن نخاف العطش . قالوا : فمررنا براهب في ذلك الموضع فسألناه : هل بقربك ماء ؟ فقال : ما من ماء دون الفرات . فقلنا : يا أمير المؤمنين العطش وليس قربنا ماء . فقال : إن الله سيسقيكم ، فقام يمشي حتى وقف في مكان ( ضحضاح ) ودعا بمساح ، وأمر بذلك المكان فكنس ، فأجلى عن صخرة ، فلما انجلى عنها قال : إقلبوها ، فرمناها بكل مرام فلم تستطعها ، فلما أعيتنا ، دنا منها ، فأخذ بجانبها فدحا بها فكأنها كرة ، فرمى بها فانجلت عن ماء لم ير أشد بياضا ، ولا أصفى ، ولا أعذب منه ، فتنادى الناس الماء ، فاغترفوا وسقوا وشربوا وحملوا . ثم أخذ - عليه السلام - الصخرة فردها مكانها ، ثم تحمل الناس فسار غير بعيد ، فقال : أيكم يعرف مكان هذه العين ؟ فقالوا : كلنا نعرف مكانها . قال : فانطلقوا حتى تنظروا ، فانطلق من شاء الله منا فدرنا حتى أعيينا فلم نقدر على شئ ، فأتينا الراهب فقلنا له : ويحك ألست زعمت أنه ليس قبلك ماء ، ولقد استثرنا ها هنا ماء فشربنا واحتملنا . قال : فوالله ما استثارها إلا نبي أو وصي نبي ، قلنا : فإن فينا وصي نبينا - عليه السلام - ، قال : فانطلقوا إليه فقولوا له : ماذا قال له النبي حين حضره الموت . قالوا : فأتيناه ، فقلنا له : إن هذا الراهب قال : كذا وكذا . قال : فقولوا له : إن خبرناك لتنزلن ولتسلمن . فقلنا له . فقال : نعم . فأتينا أمير المؤمنين - عليه السلام - فقلنا : قد حلف ليسلمن . قال : فانطلقوا فاخبروه أن اخر ما قال النبي الصلاة الصلاة ، إن النبي - صلى الله عليه وآله - كان واضعا رأسه في حجري فلم يزل يقول : الصلاة الصلاة ، حتى قبض . قال : قلنا له ذلك ، فأسلم .
المصدر : مدينة المعاجز - السيد هاشم البحراني