قصه اعجبتني وحبيت انقلها لكم اتمنى تعجبكم
، كُن راضياً بالقضاء والقدر ،
،
لا أحد يستطيع أن يمنع وقوع بعض الحوادث المؤسفة له كموت صديق ، أو حدوث زلزال
أو هبوب الرياح ، وأمور أخرى من هذا القبيل ، فتلك أمور ترتبط بالقضاء والقدر .
وإذا كان البعض غير مرتاح مما هو حادث له ـ سواء فيما يرتبط بمواصفاته الجسدية
أو فيما يرتبط بالحوادث التي تقع ـ فإن من الأفضل أن يقارن نفسه بمن هو أكثر ابتلاءً منه
ويرضى بالقضاء والقدر ، إذ ليس له خيار آخر غير هذا الخيار .
يقال :
إن رجلاً وقع في بئر ، فأخذ يصرخ ويطالب كل مَن يمرّ به أن يخلّصه، فقال له رجل سمع استغاثته :
اصبر حتى آتيك بحبل وأرفعك به .
فقال الرجل : وإذا لم اصبر ، فماذا أفعل ؟
إنك أحياناً لا تملك إلا أن تصبر على ما أنت عليه ، إذ لا تملك إلا هذا الخيار .
ثم إن علينا أن لا نعتبر ما نحن فيه من الأمور التي لا ترضينا هي أسوأ ما يمكن أن يحدث لنا
"فربّ ضارة نافعة" كما يقول المثل . فكم من أمور اعتبرناها (نقمة) ثم تبين أنها كانت في
حقيقة الأمر (نعمة) والعكس أيضاً ممكن .
ويذكر في هذا الموضوع عن قرية كان فيها عجوز حكيم وكان أهل القرية يثقون به
في الإجابة على اسئلتهم ومخاوفهم .
وفي أحد الأيام ؛ ذهب فلاح من القرية إلى العجوز وقال بصوت محموم : " أيها الحكيم ؛ ساعدني
لقد حدث لي شيء فظيع . لقد هلك ثوري وليس عندي حيوان يساعدني على حرث أرضي !
أليس ذلك أسوأ شيء يمكن أن يحدث لي ؟" .
فأجاب الحكيم : " ربما كان ذلك صحيحاً ، وربما كان غير صحيح " .
فأسرع الفلاح عائداً لقريته وأخبر جيرانه أن الحكيم قد جن، لأنه كان يظن أن ذلك أسوأ شيء
يمكن أن يحدث للفلاح ، فكيف لم يتسنّ للحكيم أن يرى ذلك ؟
إلا أنه في اليوم ذاته ، شاهد الناس حصاناً صغيراً قوياً بالقرب من مزرعة الرجل. ولأن الرجل
لم يعد عنده ثور ليعينه في عمله، فقد أتت الرجل فكرة اصطياد الحصان لحيل محل الثور ،
وهو ما قام به فعلاً .
وقد كانت سعادة الفلاح بالغة ، فلم يحرث الأرض بمثل هذا اليسر من قبل. وما كان الفلاح
إلا أن عاد للحكيم وقدم إليه أسفه قائلاً :
" لقد كنت محقاً أيها الحكيم ، إن فقداني للثور لم يكن أسوأ شيء يمكن أن يحدث لي ،
لقد كان نعمة لم أستطع فمهما فلو لم يحدث ذلك لما فكرت لي أبداً أن أصيد حصاناً جديداً ،
لابد أن توافقني على أن ذلك هو أفضل شيء يمكن أن يحدث لي " .
فأجاب الحكيم : " ربما نعم ، وربما لا " .
فقال الفلاح لنفسه :
" لا ؛ ثانية ؟! لابدّ أن الحكيم قد فقد صوابه هذه المرة ".
لم يدرك الفلاح ما سيحدث . وبعد مرور بضعة أيام سقط ابن الفلاح من فوق صهوة الحصان
فكسرت ساقه ، ولم يعد بمقدوره المساعدة في حصاد المحصول .
ومرة أخرى ، ذهب الفلاح إلى الحكيم وقال له :
" كيف عرفت أن اصطيادي للحصان لن يكون أمراً جيداً ؟ لقد كنت على صواب ثانية ،
فلقد جرح ابني ولن يتمكن من مساعدتي في الحصاد. هذه المرة أنا على يقين بأن هذا
هو أسوأ شيء يمكن أن يحدث لي، لابد أنك توافقني هذه المرة ".
ولكن ، كما حدث من قبل ، نظر الحكيم إلى الفلاح وأجابه بصوت ملؤه الشفقة وقال :
" ربما نعم، وربما لا ".
استشاط الفلاح غضباً من جهل الحكيم وعاد من فوره إلى القرية .
في اليوم التالي ، قدم أفراد الجيش واقتادوا جميع الرجال القادرين للمشاركة في الحرب
التي اندلعت للتو ، وكان ابن الفلاح الشاب الوحيد الذي لم يصطحبوه معهم ، ومن هنا كتب
له أن يبقى في منزله في حين أصبح محتماً على الباقين أن يذهبوا إلى الحرب .
إن المغزى الأخلاقي لهذه القصة يعد درساً نافعاً للغاية . وحقيقة الأمر ، إننا لا ندري
ماذا سيحدث غداً نحن فقط نعتقد أننا نعلم ذلك
وغالباً ما نضخّم من شيء ما، ونخترع أحداثاً مبالغاً فيها في عقولنا
عن أشياء بشعة سوف تحدث . أما إذا احتفظنا برباطة جأشنا وفتحنا عقولنا أمام كل الاحتمالات
لتأكدنا من أن كل شيء سيصبح على ما يرام في نهاية المطاف .
وتذكر : " قد يكون الأمر كذلك ، وقد لا يكون